البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة». والمراد : أن معجزة كل نبي انقرضت بموته ، وهذا القرآن حجة باقية على الآباد ، لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا يشبع منه العلماء ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار ، قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا ..) أي لا تزال القوارع والبلايا من القتل والأسر ، والسلب تصيب الكافرين في الدنيا بسبب تكذيبهم لك وتماديهم في الكفر ، أو تصيب من حولهم ليتعظوا ويعتبروا ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأحقاف ٤٦ / ٢٧].
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) حتى ينجز الله وعده لك فيهم ، بنصرك عليهم ، وهو فتح مكة كما قال ابن عباس وآخرون ، أو حتى ينتهي هذا العالم بالنسبة لكفار آخرين.
(إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) إن الله ينجز وعده الذي وعدك به ، من النصر عليهم ، ولا ينقض وعده لرسله بالنصر لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة ، كما قال سبحانه : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ، إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ) [إبراهيم ١٤ / ٤٧].
ثم أنزل الله تسلية لنبيه عن استهزائهم بطلب هذه الآيات ، وتخفيفا عما كان يشق عليه من ذلك ، وعن تكذيب بعض قومه ، فقال : (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ ..) أي إن كذّبك بعض قومك واستهزأ بك المشركون منهم ، وطلبوا آيات منك عنادا ومكابرة ، فاصبر على أذاهم ، فلك في الرسل المتقدمين أسوة ، ثم بين تعالى شأنه معهم فقال : (فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي أنظرتهم وأجّلتهم مدة من الزمان ، ثم أوقعت بهم العذاب ، فانظر كيف عقابي لهم حين عاقبتهم ، كما قال