تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها ، وَهِيَ ظالِمَةٌ ، ثُمَّ أَخَذْتُها ، وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) [الحج ٢٢ / ٤٨] وجاء في الصحيحين : «إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، ثم قرأ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : (وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ ، إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)». والمراد بالآية أني سأنتقم من هؤلاء الكفار ، كما انتقمت من أولئك المتقدمين.
ثم ذكر الله تعالى ما يكون توبيخا لهم على موقفهم وعقلهم ، وما يدعو إلى التعجب منهم فقال : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ ..) أي إن الله مطلع على كل نفس ، عالم بما يكسبونه من أعمال الخير أو الشر ، ولا يخفى عليه خافية ، قادر على كل شيء كما قال : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ ، وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ ، وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) [يونس ١٠ / ٦١] (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها) [الأنعام ٦ / ٥٩] (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها ، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها ، كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) [هود ١١ / ٦].
وبما أن الله قادر على كل شيء وعالم بكل شيء ، فكيف يجعلون القادر العالم كمن لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ، وكيف يتخذونه ربا يطلبون منه النفع ودفع الضر؟! والمراد نفي المماثلة.
ثم أكد تعالى ما سبق بقوله : (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) أي واتخذوا شركاء لله ، عبدوها معه ، من أصنام وأوثان وأنداد.
ثم وبخهم مرة أخرى بقوله : (قُلْ : سَمُّوهُمْ) أي صفوهم لنا ، وأعلمونا بهم ، واكشفوا عنهم حتى يعرفوا ، فإنهم لا حقيقة لهم ، وليسوا أهلا للعبادة لعدم نفعهم وضرهم.
(أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ) أي بل أتخبرونه بشركاء معبودين لا وجود لهم ؛ لأنه لو كان لها وجود في الأرض ، لعلمها ؛ لأنه لا تخفى عليه