تعالى ، ولا يضرّ مكرهم إلا بإذنه تعالى ، وفي هذا تسلية للنّبي صلىاللهعليهوسلم ، وشدّ من عزيمته ، وبيان أن النّصر في النّهاية له ، وأنّ الدّائرة ستدور على الكفار.
٩ ـ يعلم الله ما تعمل به كلّ نفس من خير وشرّ ، فيجازي عليه.
١٠ ـ سيتحقق الكفار لمن العاقبة المحمودة ، أي عاقبة دار الدّنيا ثوابا وعقابا ، أو لمن الثّواب والعقاب في الدّار الآخرة ، وهذا تهديد ووعيد.
١١ ـ إن إنكار مشركي العرب واليهود رسالة النّبي صلىاللهعليهوسلم وقولهم له : لست بنبيّ ولا رسول ، وإنما أنت متقوّل ، لما لم يأتهم بما اقترحوا من الآيات ، إن إنكارهم لا يغض من الحقيقة شيئا ، ولا يغيّر من الواقع ، وكفى بالله شهيدا على صدقه ، وحسبه شهادة مؤمني أهل الكتاب كعبد الله بن سلام ، وسلمان الفارسي ، وتميم الدّاري ، والنّجاشي وأصحابه.
لكن قال ابن جبير : السّورة مكيّة ، وابن سلام أسلم بالمدينة بعد هذه السّورة ، فلا يجوز أن تحمل الآية على ابن سلام ، فمن عنده علم الكتاب جبريل ، وهو قول ابن عباس. وقال الحسن ومجاهد والضّحّاك : هو الله تعالى.
وأما من قال : إنهم جميع المؤمنين فصدق ؛ لأن كلّ مؤمن يعلم الكتاب ، ويدرك وجه إعجازه ، ويشهد للنّبي صلىاللهعليهوسلم بصدقه. والكتاب على هذا هو القرآن الكريم (١).
ويجوز أن يكون المراد به : الذي حصل عنده علم التّوراة والإنجيل ، يعني : أن كلّ من كان عالما بهذين الكتابين ، علم اشتمالهما على البشارة بمقدم محمد صلىاللهعليهوسلم ، فإذا أنصف ذلك العالم ولم يكذب ، كان شاهدا على أنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم رسول حقّ من عند الله تعالى (٢).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٩ / ٣٣٦ ـ ٣٣٧
(٢) تفسير الرّازي : ١٩ / ٧٠