التفسير والبيان :
حينما رجع أولاد يعقوب إلى أبيهم قالوا حين رجوعهم إلى أبيهم : إن عزيز مصر منع عنّا الكيل في المستقبل إن لم ترسل معنا أخانا بنيامين ، فإن لم ترسله لا نكتل ، فأرسله معنا نكتل من الطعام بقدر عددنا ، وإنّا له لحافظون من كلّ مكروه وسوء في الذّهاب والإياب ، فلا تخف عليه ، فإنه سيرجع إليك.
قال يعقوب : هل أنتم صانعون به إلا كما صنعتم بأخيه من قبل ، تغيّبونه عنّي وتحولون بيني وبينه ، وقد فرّطتم في يوسف ، فكيف آمنكم على أخيه؟ (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) أي فإني أثق به وأتوكّل عليه وأفوض أمري إليه ، (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) أي هو أرحم الرّاحمين بي ، وسيرحم كبري وضعفي وتعلّقي بولدي ، وأرجو الله أن يرحمني بحفظه ، وأن يردّه عليّ ، ويجمع شملي به ، إنه أرحم الرّاحمين.
وهذا دليل على موافقته على إرساله معهم ، للحاجة الشّديدة إلى الطعام ، وعدم ملاحظته وجود قرائن تدلّ على الحسد والحقد فيما بينهم وبين بنيامين ، خلافا لحال يوسف.
ولما فتح إخوة يوسف متاعهم وأوعية طعامهم ، وجدوا فيها بضاعتهم أي ثمن الطعام ، ردّت إليهم ، وهي التي كان يوسف أمر غلمانه بوضعها في رحالهم.
فلما وجدوها في رواحلهم قالوا : يا أبانا ، ماذا نريد زيادة على هذا الإكرام وإحسان الملك إلينا ، كما حدثناك ، هذه دراهمنا ردّها إلينا ، وإذا ذهبنا بأخينا نزداد كيل بعير بسبب حضوره. وهذا إذا جعلت ما استفهامية ، فإن كانت نافية كان المعنى : لا نبغي شيئا آخر ، هذه بضاعتنا ردّت إلينا ، فهي كافية لثمن الطعام في الذّهاب الثّاني ، ثم نفعل كذا وكذا من جلب الميرة وغيرها.