(إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) قال الزمخشري : هذا استثناء متّصل ، مفعول له أي لأجله ، والكلام المثبت الذي هو قوله : (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) في تأويل المنفي ، ومعناه : لا تمتنعون من الإتيان به إلا للإحاطة بكم ، أي لا تمتنعون منه لعلة من العلل إلا لعلة واحدة ، وهي أن يحاط بكم.
المفردات اللغوية :
(مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) حكم بمنعه بعد هذا إن لم ترسل أخانا بنيامين. (نَكْتَلْ) نتمكن من اكتيال ما نحتاج إليه. (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) من أن يناله مكروه. (قالَ) يعقوب لهم (هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) أي ما آمنكم عليه إلا كما آمنتكم على أخيه يوسف من قبل ، وقد قلتم فيه : (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ثم فعلتم به ما فعلتم.
(فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) فأتوكّل عليه وأفوض أمري إليه. (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فأرجو أن يرحمني بحفظه ، ولا يجمع عليّ مصيبتين. (ما نَبْغِي) ما : استفهامية ، أي : أيّ شيء نطلب من إكرام الملك أعظم من هذا؟ وكانوا ذكروا له إكرامه لهم. (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) استئناف موضح لقوله : (ما نَبْغِي).
(وَنَمِيرُ أَهْلَنا) نأتي بالميرة لهم وهي الطعام ، وهو معطوف على محذوف ، أي ردّت إلينا ، فنستظهر بها ، ونمير أهلنا بالرّجوع إلى الملك. (وَنَحْفَظُ أَخانا) من المخاوف في ذهابنا وإيابنا. (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) لأخينا ، أي مكيل بعير. (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) سهل على الملك لسخائه ، أو سهل لا عسر فيه لتوافر الغلال لديه.
(حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً) حتى تعطوني عهدا. (مِنَ اللهِ) بأن تحلفوا به. (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) بأن تموتوا أو تغلبوا ، فلا تطيقوا ذلك ولا تستطيعوا الإتيان به ، وهو استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال ، والتّقدير : لتأتنني به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم. (فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) أعطوه عهدهم بذلك. (قالَ : اللهُ عَلى ما نَقُولُ) من طلب الموثق وإتيانه (وَكِيلٌ) شهيد ، ورقيب مطّلع.
المناسبة :
الكلام وثيق الصّلة بما قبله ، فبعد أن ذكر الله تعالى مطالبة يوسف عليهالسلام إخوته بإحضار أخيه بنيامين ، ذكر هنا مفاوضتهم أباهم لإنجاز المطلوب ، وإبداءه مخاوفه عليه كمخاوفه القديمة التي أظهرها عند ما تآمروا على أخذ يوسف عليهالسلام للصّحراء بقصد الرّتع واللعب.