(إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) إلى الطريق المستقيم ، طريق الله العزيز الذي لا يغالب ، بل هو القاهر لكل ما سواه ، الحميد أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله ، وشرعه ، وأمره ونهيه ، والصادق في خبره.
(اللهِ الَّذِي ..) أي الإله الذي له كل ما في السموات والأرض خلقا وملكا وعبيدا وتصريفا وتدبيرا. وتكرار هذه الصفة كثيرا في القرآن للتنبيه على عظمة الخالق ، ولإعمال النظر في المخلوقات ، والإفادة منها.
(وَوَيْلٌ لِلْكافِرِينَ ..) أي هلاك وعذاب شديد يوم القيامة لمن كفر برسالتك وجحد بوحدانية الله. وهذا وعيد شديد لهم.
ثم وصفهم الله تعالى بصفات ثلاث بقوله :
١ ـ (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ..) أي الذين يختارون الحياة الدنيا على الآخرة ، ويقدمونها ويؤثرونها عليها ، ويعملون للدنيا ، ونسوا الآخرة وتركوها.
٢ ـ (وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) أي ويمنعون من اتباع الرسل ، ويعوقون عن الإيمان بالله ، ويصرفون عن الإسلام كل من أراده.
٣ ـ (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجا مائلة ، منحرفة عن الحق ، لتوافق أهواءهم وأغراضهم ، وهي في واقعها مستقيمة في نفسها لا تقبل الانحراف عن الحق. والسبيل : تذكر وتؤنث.
قال في الكشاف : الأصل في الكلام أن يقال : ويبغون لها عوجا ، فحذف الجار وأوصل الفعل.
ومن أمثلة ذلك في العصر الحديث الانصراف عن تطبيق الحدود الشرعية والقصاص ، بحجة قسوتها ، وعدم ملاءمتها لروح العصر ، ومنافاتها للإنسانية : (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) [الكهف ١٨ / ٥]. وقد