عليه ، كما قال : (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) بممتنع أو متعسر ، فإنه قادر لذاته ، لا اختصاص ل بمقدور دون مقدور ، ومن هذا شأنه كان حقيقا بأن يؤمن به ويعبد ، رجاء لثوابه ، وخوفا من عقابه يوم الجزاء.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أن أعمال الكفار تصير باطلة ضائعة ، بيّن أن الإبطال والإحباط إنما جاء بسبب صدر منهم وهو كفرهم بالله وإعراضهم عن العبودية ، فإن الله تعالى لا يبطل أعمال المخلصين ، وكيف يليق بحكمته أن يفعل ذلك ، وأنه تعالى ما خلق كل هذا العالم إلا لحكمة وصواب؟!
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن قدرته على معاد الأبدان يوم القيامة ، بأنه خلق السموات والأرض التي هي أكبر من خلق الناس ، أفليس الذي قدر على خلق هذه السموات ، في ارتفاعها واتساعها وعظمتها ، وما فيها من الكواكب الثوابت والسيارة ، وهذه الأرض بما فيها من مهاد ووهاد وأوتاد ، وصحارى وقفار ، وبحار وأشجار ، ونبات وحيوان على اختلاف أصنافها ومنافعها وأشكالها وألوانها.
(أَلَمْ تَرَ ..) ألم تعلم أيها المخاطب أن الله أنشأ السموات والأرض بالحكمة وعلى الوجه الصحيح الذي يحق أن يخلقا عليه ، ومن قدر على خلقهما على هذا النحو البديع ، فهو قادر على إفنائكم إذا خالفتم أوامره ، والإتيان بخلق جديد سواكم على غير صفتكم ، وما ذلك بممتنع أو متعذر عليه ، بل هو سهل عليه.
ونظير الآية كثير في القرآن منها : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ ، وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ ، بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ، بَلى ، إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأحقاف ٤٦ / ٣٣].