بينهما مشابهة في شيء محسوس ، للتوضيح والبيان (كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) أي جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، والكلمة الطيبة : هي لا إله إلا الله وهي كلمة التوحيد ودعوة الإسلام والقرآن ، والشجرة الطيبة هي النخلة (ثابِتٌ) في الأرض بالعروق (وَفَرْعُها فِي السَّماءِ) أي أعلاها في جهة العلو (تُؤْتِي) تعطي (أُكُلَها) ثمرها (كُلَّ حِينٍ) كل وقت أقّته الله تعالى لإثمارها ، أي أن كلمة الإيمان ثابتة في قلب المؤمن ، وعمله يصعد إلى السماء ، ويناله ثوابه كل وقت.
(بِإِذْنِ رَبِّها) بإرادته (وَيَضْرِبُ) ويبين لأن في هذا التشبيه زيادة إفهام وتذكير (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) لعلهم يتعظون فيؤمنوا (كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) هي كلمة الكفر (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) هي الحنظل (اجْتُثَّتْ) استوصلت (ما لَها مِنْ قَرارٍ) استقرار (بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) فلا يزلّون إذا افتتنوا في دينهم ، كزكريا ويحيى عليهماالسلام (وَفِي الْآخِرَةِ) فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في موقف الحساب وعند رؤيتهم أهوال الحشر ، وقيل : معناه الثبات عند سؤال القبر ، فحينما يسألهم الملكان عن ربهم ودينهم ونبيهم ، يجيبون بالصواب ، كما في حديث الشيخين. (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ) الكفار الذين ظلموا أنفسهم ، فلا يهتدون للحق والجواب الصواب ، بل يقولون : لا ندري ، كما جاء في الحديث. (وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) من تثبيت بعض وإضلال آخرين من غير اعتراض عليه.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أحوال الأشقياء وما آل إليهم أمرهم من العذاب في نار جهنم ، وأحوال السعداء وإدراكهم الفوز عند ربهم ، ذكر مثلا يبين حال الفريقين ، وسبب التفرقة بينهما ، بتشبيه المعنويات بالحسيات ، لترسيخ المعاني في الأذهان ، كما هو الشأن في القرآن.
التفسير والبيان :
ألم تعلم أيها المخاطب كيف اعتمد الله مثلا ووضعه في موضعه المناسب له وهو تشبيه الكلمة الطيبة وهي كلمة التوحيد والإسلام ودعوة القرآن ، بالشجرة الطيبة وهي النخلة الموصوفة بصفات أربع هي :
١ ـ كون تلك الشجرة طيبة المنظر والشكل ، وطيبة الرائحة ، وطيبة الثمرة ، وطيبة المنفعة أي يستلذ بأكلها ويعظم الانتفاع بها.