الثالثة ـ إيجاد السبل وهي الطرق والمسالك التي تسهل العبور والانتقال من أرض إلى أخرى ، ومن بلد إلى بلد غيره ، بل ومن جبل إلى سهل ، كما قال تعالى في صفة الجبال : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ ، وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً ، لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٣١].
(لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي لتهتدوا بتلك السّبل إلى مآربكم ومقاصدكم.
(وَعَلاماتٍ) أي وأظهر في الأرض علامات مخصوصة ومعالم معينة تؤدي إلى المقصود ، فالعلامات : هي معالم الطرق ، وهي الأشياء التي بها يهتدى ، وهي الجبال والرياح ونحوها يستدل بها المسافرون برّا وبحرا ، ومن كثرت أسفاره لطلب المال أو غيره مثل قريش ، كان علمه بمنافع الاهتداء بالنجوم أوفى وأتمّ.
(وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) أي والناس يهتدون في ظلام الليل بالنّجوم. وهذا يومئ إلى علم النّجوم أو الفلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
أفادتنا الآيات فوائد عديدة هي :
١ ـ الله تعالى هو منزل المطر بقدرته وحكمته ، والمطر : ماء عذب صالح للشرب ، ينبت الله به أشجارا وعروشا وكروما ونباتا ومراعي للأنعام ، والماء سبب الحياة البشرية : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ) [الأنبياء ٢١ / ٣٠]. وفي ذلك الإنزال والإنبات دلالة على قدرة الله ووجوده ووحدانيته لقوم يتأملون ويتفكرون.
٢ ـ والله سبحانه سخّر لعباده الليل والنهار للسكون والأعمال ، كما قال تعالى : (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ)