وأصحاب السنن الأربعة وابن أبي شيبة عن البحر «هو الطّهور ماؤه ، الحلّ ميتته».
وقال أبو حنيفة رحمهالله : لو حلف لا يأكل اللحم ، فأكل لحم السّمك ، لا يحنث ؛ لأنه ليس بلحم عرفا. وقال الجمهور : إنه يحنث ؛ لأنه تعالى نصّ على كونه لحما في هذه الآية ، وليس فوق بيان الله بيان.
وبما أن الله تعالى امتنّ على الرجال والنساء امتنانا عاما بما يخرج من البحر ، فلا يحرم عليهم شيء منه ، وإنما حرّم الله تعالى على الرّجال الذهب والحرير ، روي في صحيح الشيخين عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا تلبسوا الحرير ، فإنه من لبسه في الدّنيا ، لم يلبسه في الآخرة».
وجمهور العلماء على تحريم اتّخاذ الرجال خاتم الذهب ، ويجوز لهم التّختم بخاتم الفضة ؛ لأنهصلىاللهعليهوسلم اتّخذ خاتما من فضة ، فاتّخذ الناس خواتيم الفضة ، وقال : «إني اتّخذت خاتما من ورق ، ونقشت فيه : محمد رسول الله ، فلا ينقشن أحد على نقشه». وهذا دليل على جواز نقش اسم صاحب الخاتم على خاتمه.
ومن حلف ألا يلبس حليّا ، فلبس لؤلؤا لم يحنث عند أبي حنيفة ، عملا بالعرف والعادة ، والأيمان تختص بالعرف.
٦ ـ والله تعالى جعل في الأرض نعما ثلاثا تستحق الشكر هي إلقاء الجبال الرواسي فيها لئلا تميد وتضطرب ، وإجراء الأنهار ، وجعل السّبل والطّرق منافذ عبور وانتقال بأمان. قال القرطبي : وفي هذه الآية : أدل دليل على استعمال الأسباب ، وقد كان الله قادرا على تسكينها دون الجبال.
وجعل تعالى في الأرض علامات ، أي معالم الطرق بالنهار ، وجعل النّجوم وسائل اهتداء إلى المقاصد.