معرفة ، ولا ما يقارب المعرفة ؛ لأن ما بعده جملة ، وهي نكرة ، فتكون صفة للنكرة ، وشرط الفصل أن يكون بين معرفتين أو بين معرفة وما يقارب المعرفة. (وَما يَأْتِيهِمْ وَما) للحال ، وهذا على حكاية الحال الماضية.
البلاغة :
(الْمُجْرِمِينَ الْأَوَّلِينَ مُنْظَرِينَ) بينها سجع ، وكذلك بين (يَعْرُجُونَ) و (مَسْحُورُونَ).
المفردات اللغوية :
(وَقالُوا : يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ ..) نادوا به النبي صلىاللهعليهوسلم على التهكم (الذِّكْرُ) القرآن (إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) أي إنك لتقول قول المجانين ، حتى تدّعي أن الله تعالى نزل عليك الذكر أي القرآن (لَوْ ما) أي هلا ، للتحضيض على فعل ما يقع بعدها (مِنَ الصَّادِقِينَ) في دعواك أو قولك : إنك نبي ، وإن هذا القرآن من عند الله (إِلَّا بِالْحَقِ) إلا تنزيلا ملتبسا بالحق وملازما له ، أي بالوجه الذي قدره واقتضته حكمته ، ولا حكمة في أن تأتيكم بصورة تشاهدونها ، فإنه لا يزيدكم إلا لبسا وخلطا ، ولا في معاجلتكم بالعقوبة ، فإن بعضكم وبعض ذريتكم سيؤمن ، وقيل: (بِالْحَقِ) أي الوحي أو العذاب (إِذاً) أي حين نزول الملائكة بالعذاب (مُنْظَرِينَ) مؤخرين.
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) القرآن ، وهو رد لإنكارهم واستهزائهم (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) من التبديل والتحريف ، والزيادة والنقص ، بأن جعلناه معجزا مباينا لكلام البشر ، بحيث لا يخفى تغيير نظمه على أهل العربية ، أو المراد نفي تطرق الخلل إليه أثناء بقائه بضمان الحفظ له. (مِنْ قَبْلِكَ) أي أرسلنا رسلا (فِي شِيَعِ) فرق ، وهي جمع شيعة : وهي الفرقة أو الجماعة المتفقة على رأي واحد ، في العقيدة أو في المذهب ، أو في الرأي. (إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) كاستهزاء قومك بك ، وهذا تسلية له صلىاللهعليهوسلم. (نَسْلُكُهُ) ندخله ، أي مثل إدخالنا التكذيب في قلوب أولئك ندخله (فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ) أي كفار مكة (لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) بالنبيصلىاللهعليهوسلم (وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) أي مضت سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم أنبياءهم ، وهؤلاء مثلهم.
(وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) على هؤلاء المقترحين (فَظَلُّوا فِيهِ) في الباب (يَعْرُجُونَ) يصعدون (سُكِّرَتْ أَبْصارُنا) سدّت ومنعت عن الإبصار (مَسْحُورُونَ) قد سحرنا محمد بذلك ، يخيل إلينا أننا مسحورون ، والإضراب ببل دلالة على البت بأن ما يرونه لا حقيقة له ، بل هو باطل خيل إليهم بنوع من السحر.