وقيل : الضمير يعود للقرآن.
(يَتَفَكَّرُونَ) يتأملون في صنعه تعالى ، فإن من تدبر اختصاص النحل بتلك العلوم الدقيقة والأفعال العجيبة حق التدبر ، علم قطعا أنه لا بد من وجود قادر حكيم يلهمها ذلك ، ويحملها عليه.
المناسبة :
بعد بيان وعد المؤمنين بالجنان ، والكافرين بالنيران ، وتسلية النبي صلىاللهعليهوسلم عما ناله من أذى قومه ، ونسبة الشرك إلى الله ، وحصر مهمته في بيان أحكام القرآن ، عاد تعالى إلى إثبات قدرته ووجوده ووحدانيته بدلائل حسية مشاهدة لكل راء أمامه صباح مساء ، من إنبات الزرع والشجر بالمطر ، وإخراج اللبن من الأنعام ، واتخاذ أصناف المآكل من الأعناب والنخيل ، وإخراج العسل من بطون النحل ، الذي فيه شفاء للناس.
قال الإمام أبو عبد الله محمد فخر الدين بن عمر الرازي : إن المقصود الأعظم من القرآن العظيم تقرير أصول أربعة : الإلهيات ، والنبوات ، والمعاد ، وإثبات القضاء والقدر ، والمقصود الأعظم من هذه الأصول الأربعة : الإلهيات ، فابتدأ تعالى في أول هذه السورة بذكر دلائل الإلهيات ، وهي الأجرام الفلكية ، ثم أردف ذلك بالإنسان ، ثم الحيوان ، ثم النبات ، ثم أحوال البحر والأرض ، ثم عاد إلى تقرير دلائل الإلهيات ، فبدأ بذكر الفلكيات ، فقال : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ...)(١).
التفسير والبيان :
بعد أن جعل سبحانه القرآن حياة للقلوب الميتة بكفرها ، كذلك أخبر أنه يحيي الأرض بعد موتها بما أنزله عليها من السماء من ماء ، فقال : (وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ٦٣