(وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) : رزق : فعل يتعدى إلى مفعولين ، الأول منهما الهاء في (رَزَقْناهُ) والثاني : (رِزْقاً) وهذا ليس مصدرا ؛ لأنه قال : (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) والإنفاق إنما يكون من الأعيان لا الأحداث.
(هَلْ يَسْتَوُونَ) جمع الضمير في الفعل ولم يقل : يستويان ، لمكان (مَنْ) لأنه اسم مبهم يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث ؛ ولأنه للجنسين ، فإن المعنى : هل يستوي الأحرار والعبيد؟
(رَجُلَيْنِ) بدل من (مَثَلاً).
البلاغة :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ ..) فيها استعارة تمثيلية ، مثّل فيها الوثن بالأبكم الذي لا ينتفع به بشيء ، كما مثله في الآية المتقدمة بالمملوك العاجز عن التصرف رأسا.
(سِرًّا وَجَهْراً) بينهما طباق.
المفردات اللغوية :
(مَمْلُوكاً) صفة تميزه من الحر ، فإنه أيضا عبد لله. (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من التصرف مطلقا لعدم ملكه. (وَمَنْ رَزَقْناهُ مَنْ) نكرة موصوفة أي حرا ، لتطابق كلمة (عَبْداً). (فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) أي يتصرف به كيف يشاء ، والاول : مثل الأصنام ، والثاني : مثله تعالى ، والمعنى : مثّل ما يشرك به : بالمملوك العاجز عن التصرف رأسا ، ومثّل نفسه : بالحر المالك الذي رزقه الله مالا كثيرا ، فهو يتصرف فيه ، وينفق منه كيف يشاء ، فالأول مقيد والثاني حر طليق. (هَلْ يَسْتَوُونَ) أي الجنسان وهما العبيد والأحرار ، أي هل يستوي الأحرار والعبيد؟ لا (الْحَمْدُ لِلَّهِ) كل الحمد له لا يستحقه غيره ، فضلا عن العبادة لأنه مصدر النعم كلها. (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) أهل مكة. (لا يَعْلَمُونَ) ما يصيرون إليه من العذاب ، فيشركون.
(أَبْكَمُ) الأبكم : الذي ولد أخرس. (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من الصنائع أو التدابير ؛ لأنه لا يفهم ولا يفهم. (كَلٌ) ثقيل على وليه وقرابته. (مَوْلاهُ) ولي أمره. (أَيْنَما يُوَجِّهْهُ) يصرفه. (لا يَأْتِ بِخَيْرٍ) بنجح وكفاية مهم ، وهذا مثل الكافر أو الأصنام. (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) الأبكم المذكور. (وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) أي ومن هو ناطق نافع للناس حيث يأمر به ويحث عليه. (صِراطٍ) طريق ، وهذا هو المؤمن ، أو الله تعالى ، أي أن هذا تمثيل ثان ضربه الله تعالى لنفسه وللأصنام ، لإبطال المشاركة بينه وبينها ، أو هو مثل للمؤمن والكافر.