من النار. وأتبعه : لحقه. (مَدَدْناها) بسطناها بحسب مستوى الناظر وبالنسبة للناس القاطنين فيها (رَواسِيَ) جبالا ثوابت لئلا تتحرك بأهلها (مَوْزُونٍ) أي مقدّر بمقدار معين على وفق الحكمة والمصلحة.
(مَعايِشَ) تعيشون بها من المطاعم والملابس ، جمع معيشة (وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) عطف على معايش أو على محل (لَكُمْ) والمراد به العيال والخدم والمماليك. والقصد من الآية الاستدلال بجعل الأرض ممدودة بمقدار وشكل معينين ، مختلفة الأجزاء في الوضع ، مشتملة على أنواع النبات والحيوان المختلفة خلقة وطبيعة ، على كمال قدرته ، وتناهي حكمته ، وتفرده بالألوهية ، والامتنان على العباد بما أنعم عليهم في ذلك ليوحدوه ويعبدوه (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) أي وما من شيء إلا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه أضعاف ما وجد منه ، فضرب الخزائن مثلا لاقتداره ، أو شبه مقدوراته بالأشياء المخزونة التي لا يحتاج إخراجها إلى كلفة واجتهاد. والخزائن جمع خزانة ، وهي ما تحفظ فيه الأشياء النفيسة أو المهمة.
(وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي وما نسمح بإنزاله إلا بقدر معلوم حدّه ، لحكمة وعلى حسب المصالح (لَواقِحَ) حوامل للسحاب ، أو التراب ، أو للقاح الشجر ، كما في قوله : (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً) [الأعراف ٧ / ٥٧] وفي قولهم : ناقة لاقح أي حامل ، شبه الريح التي جاءت بخير تحمل السحاب الماطر بالحامل ، كما شبّه ما لا يكون كذلك بالعقيم. (مِنَ السَّماءِ) السحاب (السَّماءِ) مطرا (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) أي جعلناه لكم سقيا لمزارعكم ومواشيكم ، يقال للماء المعد لشرب الأرض أو الماشية وسقايتها به : أسقيته ، وإذا سقاه ماء أو لبنا : سقيته (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) أي ليست خزائنه بأيديكم (الْوارِثُونَ) الباقون ، نرث جميع الخلق (الْمُسْتَقْدِمِينَ) من ماتوا من ذرية آدم (الْمُسْتَأْخِرِينَ) الأحياء الذين تأخروا إلى يوم القيامة ، أي بقوا أحياء (يَحْشُرُهُمْ) يجمعهم لا محالة للجزاء وتوسيط الضمير (هُوَ) للدلالة على أنه القادر المتولي لحشرهم لا غير ، وتصدير الجملة بإن لتحقيق الوعد والتنبيه على صحة الحكم (حَكِيمٌ) باهر الحكمة في صنعه متقن الأفعال (عَلِيمٌ) وسع علمه كل شيء.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى كفر الكافرين وعجز أصنامهم ، ذكر كمال قدرته ، وأدلة وحدانيته السماوية والأرضية ، ففي السماء : البروج ، والكواكب الساطعة ، وفي الأرض الممدودة : الجبال الراسيات ، والنباتات المقدرة بمقادير معلومة موزونة بميزان الحكمة والعلم ، المشتملة على معايش الإنسان والحيوان ، كما