ثم كشف الله زيفهم وتوعدهم بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ...) أي إن الذين لا يصدّقون بالآيات المنزلة على رسوله صلىاللهعليهوسلم ، ولم يكن لهم قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله ، لا يهديهم ولا يوفقهم الله إلى الإيمان بآياته وما أرسل به رسله ، لفقد استعدادهم لذلك واقترافهم السيئات ، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع. (وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ) أي وأولئك المشركون من قريش هم الكاذبون المفترون ، لا أنت يا محمد.
وهذا تصريح بوصفهم بالكذب الذين عرفوا به عند الناس ، أما الرسول محمد صلىاللهعليهوسلم فكان أصدق الناس وأبرهم وأكملهم علما وعملا وإيمانا ويقينا ، معروفا بالصدق في قومه ، حتى لقبوه بالأمين محمد.
ولهذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان عن صفات الرسول صلىاللهعليهوسلم أجابه بأنه صدوق ، وكان فيما قال له : هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال : لا ، فقال هرقل : فما كان ليدع الكذب على الناس ، ويذهب فيكذب على الله عزوجل.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات الأحكام التالية :
١ ـ الاستعاذة من الشيطان الرجيم مطلوبة على سبيل الندب عند الشروع في قراءة القرآن ، في الصلاة وغيرها ، حتى لا يعرض الشيطان بوسوسته للقارئ ، فيصده عن تدبر القرآن والعمل بما فيه.
وللشيطان وسوسة في القلب ، حتى في حق الأنبياء ، بدليل قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى ، أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ ، فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ، ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ) [الحج ٢٢ / ٥٢].