(لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ ...) أي لا يصيبهم في تلك الجنات تعب ولا مشقة ولا أذى ، إذ لا حاجة لهم إلى السعي والكدح ، لتيسير كل ما يشتهون أمامهم دون جهد. جاء في الصحيحين : «إن الله أمرني أن أبشر خديجة ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه ، ولا نصب».
(وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ) أي وهم ماكثون فيها ، خالدون فيها أبدا ، لا يخرجون منها ولا يحوّلون عنها. جاء في الحديث الثابت : «يقال : يا أهل الجنة ، إن لكم أن تصحّوا فلا تمرضوا أبدا ، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تقيموا فلا تطغوا أبدا». وقال الله تعالى : (خالِدِينَ فِيها ، لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) [الكهف ١٨ / ١٠٨].
والخلاصة : إن مقومات النعيم والثواب والمنافع ثلاثة : الاقتران بالاطمئنان والاحترام ، وهو قوله تعالى : (ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ) والصفاء من شوائب الضرر والمعكرات الروحية كالحقد والحسد ، والجسمية كالإعياء والمشقة ، وهو قوله تعالى : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ) والدوام والخلود بلا زوال ، وهو قوله تعالى : (وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ)(١).
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ إن جزاء المتقين الذين اتقوا الفواحش والشرك جنات أي بساتين وعيون هي الأنهار الأربعة : ماء وخمر ولبن وعسل. ويقال لهم : ادخلوها بسلامة من كل داء وآفة ، آمنين من الموت والعذاب ، والعزل والزوال ، فهم في احترام
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٩ / ١٩٣