الدوام ، وإقبال العبد على مولاه. والحق أنه ليس في دين محمد الرهبانية ، والإقبال على الأعمال الصالحة بالكلية ، كما كان في دين عيسى ، وإنما الإسلام دين الحنيفية السمحة ودين الفطرة ودين الوسطية الذي يجمع بين الروح والمادة ، والاشتغال للحياتين معا الدنيا والآخرة ، واستيفاء حظوظ الجسد المباحة مع الرجوع إلى الله بقلب سليم.
٥ ـ على المؤمن أن يكون بعيدا من المشركين ، ولا يحزن إن لم يؤمنوا ، قريبا من المؤمنين ، متواضعا لهم ، محبا لهم ، ولو كانوا فقراء.
٦ ـ مهمة النبي صلىاللهعليهوسلم وكل مؤمن عالم بعده التبليغ لرسالة الله لجميع الخلق ، والإنذار بالعذاب من الكفر والعصيان. وقد كانت دعوة النبي صلىاللهعليهوسلم في بادئ الأمر سرّية ، ثم صارت جهرية بهذه الآية : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ).
٧ ـ العذاب مقرر على المقتسمين لكتاب الله ، بأن يؤمنوا ببعض ويكفروا بالبعض الآخر ، سواء أكانوا من أهل الكتاب (اليهود والنصارى) أم من مشركي قريش.
٨ ـ الآية : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) بعمومها تدل على سؤال الجميع من الناس ، كافرهم ومؤمنهم ، إلا من دخل الجنة بغير حساب. والظاهر أن الكافر يسأل ، لقوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) [الصّافّات ٣٧ / ٢٤] وقوله : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) [الغاشية ٨٨ / ٢٥ ـ ٢٦].
وأما قوله تعالى : (وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ) [القصص ٢٨ / ٧٨] وقوله : (فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌ) [الرحمن ٥٥ / ٣٩] وقوله : (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ) [البقرة ٢ / ١٧٤] وقوله : (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين ٨٣ / ١٥] فذلك في أحوال خاصة بيوم القيامة ؛ لأن للقيامة مواطن ،