الآية قوله تعالى في سورة يس : (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ ، فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) إلى آخر السورة.
المناسبة :
بعد أن بيّن الله تعالى أنه منزّه عن الشريك والولد ، وأنه الإله الواحد ، وأمر بإخلاص العبادة له ، ذكر أدلة وجود الإله الصانع الواحد وكمال قدرته وحكمته ، وهي خمسة : خلق السموات والأرض ، وخلق الإنسان ، وخلق الأنعام ، وخلق النبات ، وخلق العناصر الأربعة. والأخيران هما موضوع الآيات التالية.
التفسير والبيان :
خلق الله تعالى وأبدع العالم العلوي وهو السموات ، والعالم السفلي وهو الأرض بما حوت ، وذلك مخلوق بالحق ، أي على أساس من الحكمة والتقدير المحكم ، لا عبثا ، وانفرد بخلقه ذلك ، فتنزه الله عن المعين والشريك ، لعجز ما سواه عن خلق شيء ، فلا يستحق العبادة إلا هو ، فقوله (تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) تنزيه نفسه عن شرك من عبد معه غيره ، فهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له ، فيستحق أن يعبد وحده لا شريك له.
ثم ذكر الله تعالى خلق جنس الإنسان من نطفة ، أي مهينة ضعيفة ، فقال : (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ ..) أي خلق الإنسان من ماء مهين ضعيف ، فلما استقل وكبر ، إذا هو يخاصم ربه تعالى ، ويكذبه وهو إنما خلق ليكون عبدا ، لا ضدا ، وخلق من شيء ضعيف ، فتراه يجادل ويقول : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) [يس ٣٦ / ٧٨]. ونظير الآية : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً ، فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً ، وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً. وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ ، وَكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً) [الفرقان ٢٥ / ٥٤ ـ ٥٥].
روي أن المراد بالآية أبيّ بن خلف الجمحي ، جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بعظم