لكن تعدى الإنسان طوره ، وتجاوز حدوده ، فناكد وجادل ، وكذب ربه وخاصمه في قدرته.
٢ ـ وكذلك خلق الأنعام بما فيها من منافع امتن الله بها على الإنسان دليل آخر على قدرة الله وتوحيده.
ودل قوله (فِيها دِفْءٌ) على مشروعية لباس الصوف ، وقد لبسه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم والأنبياء قبله ، كموسى وغيره.
ومنافع الأنعام كثيرة لا نكاد نجد لها شبيها ، ففيها منفعة الأجسام ذاتها بأكل لحومها ، ومنفعة نتاجها بالدر واللبن والنسل ، ومنفعة ما تستر به من أوبار وأصواف وأشعار ، ومنفعة ظهورها للركوب وحمل الأثقال والنقل من بلد إلى آخر ، ومنفعة قواها بالحرث ، فالبقرة لا يحمل عليها ولا تركب ، وإنما هي للحرث وللأكل والنسل واللبن ، فحق على الإنسان شكر هذه النعمة ، ومقابلتها بالعبادة لله تعالى الذي خلقها وسخرها للناس.
ودلت هذه الآية على جواز السفر بالدواب وحمل الأثقال عليها ، ولكن بقدر المعتاد وقدر ما تحتمله من غير إسراف في الحمل ، مع الرفق في السير. وقد أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالرفق بها والإراحة لها ومراعاة التفقد لعلفها وسقيها. روى مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا سافرتم في الخصب ، فأعطوا الإبل حظها من الأرض ، وإذا سافرتم في السنة فبادروا بها نقيها (١)».
وهذا دليل الرفق بالحيوان.
٣ ـ كذلك الدواب الأخرى التي خلقها الله وهي الخيل والبغال والحمير دليل
__________________
(١) السنة : القحط ويبس نبات الأرض ، والنّقي : المخ ، والمعنى : أسرعوا في السير بالإبل ، لتصلوا إلى المقصد ، وفيها بقية من قوتها ، لعدم وجود ما يقويها على السير في الأرض الجدبة.