قال القرطبي المالكي : الصحيح الذي يدل عليه النظر والخبر جواز أكل لحوم الخيل ، وأن الآية والحديث لا حجة فيهما لازمة ؛ أما الآية فلا دليل فيها على تحريم الخيل ؛ إذ لو دلت عليه لدلّت على تحريم لحوم الحمر ، والسورة مكية ، وأي حاجة كانت إلى تجديد تحريم لحوم الحمر عام خيبر ، وقد ثبت في الأخبار تحليل الخيل على ما يأتي. وأيضا لما ذكر تعالى الأنعام ذكر الأغلب من منافعها وأهم ما فيها ، وهو حمل الأثقال والأكل ، ولم يذكر الركوب ولا الحرث بها ولا غير ذلك مصرّحا به ، وقد تركب ويحرث بها.
وقد أجمع المسلمون على جواز أكلها ، وثبت ذلك في السنة ، روى مسلم من حديث جابر قال : نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل. وقال النّسائي عن جابر : أطعمنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم خيبر لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر (١).
واستدل جمهور العلماء بالآية أيضا على أن الخيل لا زكاة فيها ؛ لأن الله سبحانه منّ علينا بما أباحه منها وكرمنا به من منافعها ، فغير جائز أن يلزم فيها كلفة إلا بدليل.
وقال أبو حنيفة : إن كانت إناثا كلها ، أو ذكورا وإناثا ، ففي كل فرس دينار إذا كانت سائمة ، وإن شاء قوّمها ، فأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم. واحتج بأثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «في الخيل السائمة في كل فرس دينار» لكنه كما قال الدار قطني : تفرد به ضعيف جدا ، ومن دونه ضعفاء.
٤ ـ لم ينقطع فضل الله وكرمه ، فقد خلق لنا غير الأنعام والدواب فقال : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) وهذا يشمل كل وسائل النقل والركوب الحديثة.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٠ / ٧٦ ـ ٧٧