ولكن الله عزوجل يخوّف بهما عباده ، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ، ثم قال : يا أمّة محمد ، والله ما أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته ، يا أمة محمد ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا».
ثم حرّض الله تعالى رسوله على إبلاغ رسالته ، وأخبره بأنه قد عصمه من الناس ، فقال : (وَإِذْ قُلْنا لَكَ : إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ) أي واذكر إذ أوحينا إليك أن الله هو القادر على عباده ، وهم في قبضته وتحت قهره وغلبته ، وقد عصمك من أعدائك قريش وغيرهم ، وأن الله سينصرك عليهم كما قال : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة ٥ / ٦٧] ، وقال مبشّرا بالنّصر في بدر : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [القمر ٥٤ / ٤٥] ، (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ) [آل عمران ٣ / ١٢].
ولما بيّن تعالى أن إنزال آيات القرآن تتضمن التّخويف ، ذكر آية الإسراء ، فقال :
(وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) أي وما جعلنا ما أطلعناك عليه ليلة الإسراء إلا اختبارا وامتحانا للنّاس ، لمعرفة المؤمنين الصادقين ، والكافرين المكذّبين ، معرفة ينكشف بها حالهم أمام الناس ، لا بالنّسبة إلينا ، فنحن على علم سابق بكل ما سيحصل ، وقد كذّب بها قوم وكفروا ، وصدّق بها آخرون.
ذكر البخاري عن ابن عباس في هذه الآية قال : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة أسري به. ويقال في العربية : رأيته بعيني رؤية ورؤيا.
(وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) فيه تقديم وتأخير أي وما جعلنا الشجرة الملعونة في القرآن إلا فتنة للناس ، أي اختبارا لهم ، مثل حادث الإسراء والمعراج. وتلك الشجرة هي شجرة الزّقوم ، قال تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ