لنفسك خذلانا وتخلية ، فمن أطاعك واتّبعك منهم ، فإن جهنم مقرّكم ومأواكم وجزاؤكم جميعا تجازون فيها جزاء وافرا أو موفرا أي محفوظا كاملا لا ينقص لكم منه شيء ، ونظير الآية : (فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ، إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) [الحجر ١٥ / ٣٧ ـ ٣٨].
(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) أي استخف واستنفر بدعوتك إلى معصية الله ، بكلّ ما أوتيت من قوة وإغراء ووسوسة ، وصوته : دعاؤه إلى معصية الله تعالى.
(وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) أي واجمع عليهم جندك فرسانا ومشاة ، وهذا تمثيل ، والمراد به : تسلّط عليهم بكلّ ما تقدر عليه ، واجمع لهم كلّ مكايدك ، ولا تدّخر وسعا في إغوائهم ، مستخدما كلّ الأتباع والأعوان.
(وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) أي بتحريضهم على كسب الأموال وإنفاقها في معاصي الله تعالى من ربا وسرقة وغصب وغش وخديعة ، وعلى إنجاب الأولاد بالزّنى أو التّخلّص منهم بالقتل أو الوأد أو إدخالهم في غير الدّين الذي ارتضاه الله تعالى ، وغير ذلك من تسميات غير شرعية ، وتجاوز حدود الشّرع في الزّواج والطّلاق والرّضاع والنّسب والنّفقة وغيرها.
(وَعِدْهُمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أي عدهم المواعيد الكاذبة الباطلة من شفاعة الآلهة المزعومة ، والكرامة على الله بالأنساب الشريفة ، أو بالتّسويف في التوبة ومغفرة الذّنوب بدونها ، والاتّكال على الرّحمة ، وشفاعة الرّسول في الكبائر ، وإيثار العاجل على الآجل ، وألا جنّة ولا نار ، ونحو ذلك ، مما سيظهر بطلانه حينما يقول إبليس يوم القضاء بالحقّ : (إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ ، وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ) [إبراهيم ١٤ / ٢٢].