وقوله تعالى هنا :
(وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً) أي لا يعدهم الشيطان إلا كذبا وباطلا وإظهارا للباطل في صورة الحقّ ، فمواعيده كلها خدعة وتزيين كاذب ، وهذه الأوامر للشيطان واردة على سبيل التّهديد والخذلان والتّخلية ، كما يقال للعصاة : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) [فصلت ٤١ / ٤٠].
(إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي إن عبادي المخلصين الصالحين لا تقدر أن تغويهم ، فهم محفوظون محروسون من الشيطان الرّجيم.
(وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) أي كفى بالله حافظا ومؤيّدا ونصيرا للمؤمنين الصالحين المتوكّلين عليه ، الذين يستعينون به على التّخلّص من وساوس الشيطان.
وهذا دليل على أن المعصوم من عصمه الله ، وأن الإنسان بحاجة إلى عون الله جلّ جلاله.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلّت الآيات على ما يلي :
١ ـ إن تمادي المشركين وعتوهم على ربّهم يذكّر بقصة إبليس حين عصى ربّه وأبى السّجود ، وقال : إن آدم من طين ، وهو من نار ، وجوهر النار خير من جوهر الطين ، مع أن الجواهر متماثلة ، وقال مخاطبا ربّه : أخبرني عن هذا الذي فضّلته عليّ ، لم فضّلته؟ وقال أيضا متحدّيا : لأستأصلنّ ذرية آدم بالإغواء والإضلال ، ولأجتاحنّهم ولأضلنّهم إلا القليل المعصومين منهم الذين ذكرهم الله في قوله : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ).
وإنما قال إبليس ذلك ظنّا ، كما قال الله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ