المراكب ، فالقاصف : ريح البحار التي تكسر المراكب وتغرقها ، ولها قصيف أي صوت شديد ، كأنها تتقصف أي تتكسر.
(فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ) أي يغرقكم بسبب كفركم وإعراضكم عن الله تعالى.
(ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً) أي نفعل ما نفعل بكم ، ثم لا تجدوا أحدا يطالبنا بما فعلنا ، انتصارا منا ، ودركا للثأر من جهتنا ، أي لا تجدوا أحدا يأخذ بثأركم بعدكم. وقوله (تَبِيعاً) أي نصيرا يأخذ بالثأر ، أو يطالب بالحق. ونظير هذا قوله تعالى : (وَلا يَخافُ عُقْباها) [الشمس ٩١ / ١٥]. وفي قوله وعيد شديد وتهديد بسوء العاقبة.
ومن تمام نعمة الله وفضله ورحمته تكريم الإنسان في قوله : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ ..) أي ولقد كرمنا بني آدم ، أي جعلنا لهم كرما أي شرفا وفضلا (١) ، بخلقهم على أحسن صورة وهيئة ، ومنحناهم السمع والبصر والفؤاد للفقه والفهم ، وجمّلناهم وميزناهم بالعقل الذي يدركون به حقائق الأشياء ، ويهتدون به إلى الصناعات والزراعات والتجارات ، ومعرفة اللغات ، ويفكرون في اكتشاف خيرات الأرض ، والإفادة من الطاقات ، وتسخير ما في العالم العلوي والسفلي ، وما في الكون من وسائل النقل وأسباب الحياة والمعيشة ، والتمييز بين الأشياء وخواصها ومضارها في الأمور الدينية والدنيوية.
وحملناهم في البر على الدواب من الأنعام والخيل والبغال ، وفي الوقت الحاضر على القطارات والطائرات وغيرها ، وفي البحر أيضا على السفن الكبيرة والصغيرة ، وهو حمل لا يصح لغير بني آدم بإرادته وقصده وتدبيره.
ورزقناهم من الطيبات ، أي من زروع وثمار ولحوم وألبان من سائر أنواع الطعوم والألوان المشتهاة ، والمناظر الحسنة ، والملابس الرفيعة ، والخلاصة : أن
__________________
(١) وهذا كرم نفي النقصان ، لا كرم المال.