أنزله (وَلا تُخافِتْ بِها) ولا تسرّ بقراءتك ، لينتفع أصحابك (وَابْتَغِ) اقصد (بَيْنَ ذلِكَ) الجهر والمخافتة (سَبِيلاً) طريقا وسطا.
(شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) في الألوهية (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌ) متولي أمره ينصره (مِنَ الذُّلِ) من أجل الذل ، أي لم يذل ، فيحتاج إلى ناصر ، أي لم يكن له ولي يواليه من أجل مذلّة به ، ليدفعها بموالاته (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) عظّمه تعظيما تاما منزها عن اتخاذ الولد والشريك والذل وكل مالا يليق به.
وترتيب الحمد على ذلك للدلالة على أنه المستحق لجميع المحامد ، لكمال ذاته وتفرده في صفاته. وفيه تنبيه على أن العبد ، وإن بالغ في التنزيه والتمجيد ، واجتهد في العبادة والتحميد ، ينبغي أن يعترف بالقصور عن حقه في ذلك.
روى الإمام أحمد في مسنده عن معاذ الجهني عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان يقول : «آية العز : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) إلى آخر السورة».
سبب النزول :
نزول الآية : (قُلِ : ادْعُوا اللهَ ...) :
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : صلى صلوات الله عليه بمكة ذات يوم ، فدعا الله تعالى ، فقال في دعائه : يا الله ، يا رحمن ، فقال المشركون : انظروا إلى هذا الصابئ ، ينهانا أن ندعو إلهين ، وهو يدعو إلهين ، فنزل : (قُلِ : ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ...) الآية.
وقال ميمون بن مهران : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتب في أول ما يوحى إليه : باسمك اللهم ، حتى نزلت هذه الآية : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فكتب : بسم الله الرحمن الرحيم ، فقال مشركو العرب : هذا الرحيم نعرفه ، فما الرحمن؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال الضحاك : قال أهل التفسير : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنك لتقلّ ذكر الرحمن ، وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.