التفسير والبيان :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ ...) يحمد الله تعالى نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم صلوات الله وسلامه عليه ؛ إذ أخرج الناس من الظلمات إلى النور ، حيث جعله كتابا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ، بل يهدي إلى صراط مستقيم ، فمعنى قوله : (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) أي لم يجعل فيه اعوجاجا ولا زيغا ولا ميلا بل جعله معتدلا مستقيما.
والحمد معناه : الشكر والثناء بالجميل على الفعل الجميل الصادر بالاختيار من الله تعالى. والله تعالى محمود على كل حال ، ويحمد نفسه أحيانا عند فواتح السور وخواتمها ، لتعليم العباد كيف يحمدونه على نعمه الجليلة التي أنعم بها عليهم ، ومن أهمها نعمة الإسلام وما أنزل على عبده محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم وفوزهم.
(قَيِّماً ، لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ..) أي مستقيما ، وأتى بهذه الصفة بعد نفي الاعوجاج للتأكيد ، فربّ مستقيم مشهود له بالاستقامة لا يخلو من أدنى عوج عند الفحص والاختبار. وقيل : معناه : قيما على سائر الكتب ، مصدقا لها ، شاهدا بصحتها. وقيل : قيما بمصالح العباد ، وما لا بد لهم منه من الشرائع.
(لِيُنْذِرَ) أي ليخوف الذين كفروا بالكتاب عذابا شديدا ، وعقوبة عاجلة في الدنيا وهو النكال ، وآجلة في الآخرة وهو نار جهنم. وقوله : (مِنْ لَدُنْهُ) أي صادرا من عند الله تعالى.
(وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ) بهذا القرآن ، الذين دعموا إيمانهم بالعمل الصالح ، أن لهم مثوبة جميلة عند الله ، وهي الجنة دار المتقين الأبرار ، ودار الخلود أبدا للمحسنين الأخيار ، فالأجر الحسن : الجنة.