إلقاء النوم عليهم ومنعهم من السماع ؛ لأن النائم إذا سمع انتبه ، ثم بعثتهم من بعد نومهم ، ثم اطلاع الناس على شأنهم.
وكان إيقاظهم من أجل اختبار الناس لمعرفة مقدار مدة لبثهم ، وقوله (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) معناه : لنعلم ذلك موجودا ، وإلا فقد كان الله تعالى علم أي الفريقين أحصى الأمد. والفريقان أو الحزبان : الفتية الذين ظنوا لبثهم قليلا ، وأهل المدينة الذين بعث الفتية على عهدهم ، حين كان عندهم التاريخ لأمر الفتية.
٥ ـ إن صفات هؤلاء الفتية أو الجماعة من الشبان : أنهم آمنوا بالله ، وألهم الله قلوبهم الصبر والثبات ، وزاد الله في إيمانهم بالتيسير للعمل الصالح ؛ من الانقطاع إلى الله تعالى ، ومباعدة الناس ، والزهد في الدنيا.
وكان من أثر شدة عزيمتهم وقوة صبرهم التي أعطاها الله لهم أنهم أعلنوا أمام الكفار : (رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً ، لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً).
وكانوا يتذاكرون شأن إيمانهم ، فقال بعضهم : هؤلاء أهل عصرنا وبلدنا ، عبدوا الأصنام تقليدا من غير حجة ، فهلا يأتون بحجة على عبادتهم الصنم؟!
٦ ـ لقد قال الله لهم أو قالوا لبعضهم : إذ اعتزلتم قومكم ، فأووا إلى الكهف تغمركم رحمة الله ، ويهيء الله لكم ما ترتفقون وتنتفعون به من شؤون الحياة.
٧ ـ كان من رحمة الله بهم ولطفه بهم بعد الرقاد أن الشمس تتنحى عنهم وتميل جهة اليمين وجهة الشمال ، أي عن يمين الكهف وعن شماله ، فلا تصيبهم في ابتداء النهار ولا في آخر النهار ، وكان الرائي يحسبهم أيقاظا ؛ لأن أعينهم كانت مفتوحة وهم نائمون ، وأن كلبهم باسط ذراعيه في باب الكهف لحراستهم ، وهو