«سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولا حول وإلا قوة إلا بالله ، هن الباقيات الصالحات ، وهن يحططن الخطايا كما تحط الشجرة ورقها ، وهن من كنوز الجنة».
وروى النسائي والطبراني والبيهقي عن أبي هريرة مرفوعا : «خذوا جنتكم ، قيل : يا رسول الله ، من أي عدو قد حضر ، قال : بل جنّتكم من النار : قول سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدّمات معقّبات ومجنّبات ، وهن الباقيات الصالحات».
التفسير والبيان :
اضرب مثلا آخر يا محمد للناس من مشركي مكة وغيرهم الذين افتخروا بأموالهم وأنصارهم على فقراء المسلمين ، مثلا يبين حقارة الدنيا وقلة بقائها ، وزوالها وفناءها ، فهي بعد الخضرة والنضارة والبهجة تصبح بمراد الله عابسة قاتمة لا جمال فيها ولا روعة ، إنها في نضرتها ثم صيرورتها إلى الزوال تشبه حال نبات أخضر فيه زهر ونضرة وحبّ ، نبت وتكوّن بماء السماء ، ثم بعد هذا كله أصبح هشيما ، أي يابسا ، تذروه الرياح ، أي تفرقه وتنثره ذات اليمين وذات الشمال.
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) أي والله قادر على الإنشاء والإفناء ، وعلى كل الأحوال ، حال الخضرة والنضرة ، وحال اليبس والهلاك والفناء ، فلا ينبغي للعاقل أن يغتر بإقبال الدنيا أو يفخر بها أو يتكبر بسببها.
وكثيرا ما يشبّه الله الحياة الدنيا بهذا المثل ، كما قال تعالى في سورة يونس : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ ، فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ، مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ) [٢٤] وفي سورة الحديد : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ، كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ) [٢٠].