(الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي إن الأموال والبنين هي من زينة الحياة الدنيا ، وليست من زينة الآخرة الدائمة ، فهي سريعة الفناء والانقراض ، فلا ينبغي للعاقل الاغترار بها والتفاخر بها. والمقصود إدخال هذا الجزء تحت ذلك الكل في المثل السابق الذي أبان سرعة انقضاء الدنيا وإشرافها على الزوال والفناء. والسبب في ذكر المال والبنين فقط ؛ لأن في المال جمالا ونفعا ، وفي البنين قوة ودفعا ، فصارا زينة الحياة الدنيا.
وتقديم المال على البنين مع كونهم أعز منه ؛ لأنه أهم وأخطر ، وأكثر تحقيقا للحاجة والرغبة والهوى ، فقد يكون البنون دون المال ، ويكون البؤس والشقاء.
ونظير الآية : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ ، وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ..) الآية [آل عمران ٣ / ١٤].
قال الإمام علي كرم الله وجهه : المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الآخرة ، وقد جمعهما الله لأقوام.
(وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ أَمَلاً) أي إن أعمال الخير وأفعال الطاعات ، كالصلوات والصدقات ، والجهاد في سبيل الله ، ومساعدة الفقراء ، والأذكار أفضل ثوابا ، وأعظم قربة عند الله ، وأبقى أثرا ؛ إذ ثوابها عائد على صاحبها ، وخير أملا حيث ينال صاحبها في الآخرة كل ما كان يؤمله في الدنيا.
وقال ابن عباس : (الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ) : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر. وكذلك قال عثمان بن عفان : هي لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.