فقه الحياة أو الأحكام :
ينبغي أن يعرف الناس ولا سيما المتكبرون الذين طلبوا طرد فقراء المؤمنين مثل الحياة الدنيا ، أي شبهها ، فهي في عدم استقرارها وعدم استمرارها على حال واحدة كالماء لا يستقر في موضع ، ولا يستقيم على حالة واحدة ، وهي مثله أيضا في أنها تفنى ، وهو يذهب ولا يبقى ، وهي كذلك لا يسلم أحد دخلها من فتنتها وآفتها ، كما أن من دخل الماء لا بد أن يبتلّ منه ، والكفاف من الدنيا ينفع وفضولها يضر ، كما أن الماء إذا جاوز المقدار كان ضارّا مهلكا. ورد في صحيح مسلم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافا ، وقنّعه الله بما آتاه». والخلاصة : أن هذا المثل يدل على سرعة زوال الدنيا وفنائها.
والله وحده هو الباقي المقتدر على كل شيء من الإنشاء والإفناء والإحياء.
وكذلك زينة الحياة الدنيا من المال والبنين سريعة الانقضاء والانقراض ، والباقيات الصالحات مما يأتي به فقراء المسلمين كسلمان وصهيب من الطاعات أفضل ثوابا عند الله ، وأفضل أملا من ذي المال والبنين دون عمل صالح ، وليس في زينة الدنيا خير ، ولكنه مثل قوله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) [الفرقان ٢٥ / ٢٤].
واختلف العلماء في الباقيات الصالحات : فقال ابن عباس وآخرون : هي الصلوات الخمس ، وروي عنه كما بينا أنها : «سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر» وقال الجمهور : هي الكلمات المأثور فضلها : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله والله أكبر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وذلك مأخوذ من حديث رواه النسائي عن أبي سعيد الخدري.
وعن ابن عباس أيضا : أنها كل عمل صالح من قول أو فعل يبقى للآخرة ، ورجّحه الطبري ، وقال القرطبي : وهو الصحيح إن شاء الله ؛ لأن كل ما بقي ثوابه ، جاز أن يقال له هذا.