(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ ، فَقُلْ : يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) [طه ٢٠ / ١٠٥] وقال : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا ، فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) [الواقعة ٥٦ / ٥ ـ ٦] وقال : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ، وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ). [المعارج ٧٠ / ٨ ـ ٩] أي كالصوف المندوف المنفوش.
وهذا يدل على تبدل الحال ، وتغير الوضع الذي كان في الدنيا ، وإزاحة الجبال من مواضعها ، وجعلها هباء منتشرا كالسحاب.
٢ ـ (وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) أي وتنظر أيها الإنسان جميع الأرض ظاهرة بادية ، ليس فيها معلم لأحد ، ولا مكان يواري أحدا ، بل الخلق كلهم في صعيد واحد ، صافون أمام ربهم ، لا تخفى عليه خافية. وهذا معنى قوله تعالى في آية نسف الجبال السابقة : (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً ، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) [طه ٢٠ / ١٠٦ ـ ١٠٧] أي تصبح الأرض سطحا مستويا ، لا ارتفاع فيها ولا انخفاض ، ولا جبل ولا وادي.
هذان الأمران تسيير الجبال وتسوية الأرض متعلقان بشأن الدنيا.
٣ ـ (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) أي وجمعنا الأولين والآخرين للحساب وجمعناكم إلى الموقف ، فلم نترك منهم أحدا ، لا صغيرا ولا كبيرا ، كما قال تعالى : (قُلْ : إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) [الواقعة ٥٦ / ٤٩ ـ ٥٠] وقال : (ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ، وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ) [هود ١١ / ١٠٣]. أخرج الإمام مسلم وغيره عن عائشة رضياللهعنها قالت : سمعت رسول الله صلّى الله عليه و (١) آله وسلّم يقول : «يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا (١) ، فقلت : يا رسول الله ، الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال : الأمر أشدّ من أن ينظر بعضهم إلى بعض».
__________________
(١) غرلا ، أي غير مختونين ، والغرلة : القلفة.