وفي رواية للنسائي : «لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه» وهذا الأمر يدل على إثبات الحشر.
٤ ـ (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا ، لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي ويعرض البشر قاطبة أمام الله صفا واحدا ، كما قال سبحانه : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر ٨٩ / ٢٢].
لقد أتيتم إلينا أيها الناس جميعا أحياء ، كهيئتكم حين خلقناكم أول مرة في الدنيا ، حفاة عراة ، لا شيء معكم ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى ، كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ) [الأنعام ٦ / ٩٤].
وهذا تقريع لمنكري المعاد ، وتوبيخ لهم أمام الناس ، وهو إثبات لمبدأ العرض للحساب على الله تعالى ، ولهذا قال تعالى مخاطبا لهم :
(بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً) أي بل ظننتم أنه لا لقاء لكم مع الله ، وما كان ظنكم أن هذا واقع بكم ، ولا أنه كائن.
٥ ـ (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) أي ووضع كتاب الأعمال : أعمال الناس من خير أو شر ، صغير أو كبير ، فترى العصاة المجرمين خائفين مما فيه من أعمالهم السيئة ، وأفعالهم القبيحة. والمراد بالكتاب : الجنس ، وهو صحف الأعمال.
(وَيَقُولُونَ : يا وَيْلَتَنا ، ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) أي ويقول أولئك المجرمون : يا حسرتنا وويلنا على ما فرطنا في أعمالنا ، وما لهذا الكتاب لا يترك ذنبا صغيرا ولا كبيرا ، ولا شاردة ولا واردة إلا أحصاها ، أي ضبطها وحفظها ، فهو شامل لكل شيء ، كما قال تعالى : (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ. عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ