(وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ) الشياطين. (عَضُداً) أعوانا ، والعضد في الأصل : ما بين المرفق إلى الكتف ، ويستعمل بمعنى المعين ، كاليد ونحوها ، وهو المراد هنا. أي لم أستعن بالشياطين في الخلق ، فكيف تطيعونهم؟ وهو رد لاتخاذهم أولياء من دون الله ، شركاء له في العبادة ، فإن استحقاق العبادة من توابع الخالقية. ووضع (الْمُضِلِّينَ) موضع الضمير ذمّا لهم ، واستبعادا للاعتضاد بهم.
(وَيَوْمَ يَقُولُ) اذكر. (نادُوا شُرَكائِيَ) الأوثان وغيرها. (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) أنهم شركائي أو شفعاؤكم ليمنعوكم من عذابي. وإضافة الشركاء على زعمهم للتوبيخ. (فَدَعَوْهُمْ) فنادوهم للاستغاثة. (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) فلم يغيثوهم أو لم يجيبوهم. (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) بين الأوثان وعابديها ، أو بين الكفار وآلهتهم. (مَوْبِقاً) مهلكا يشتركون فيه ، وهو النار ، أو واد من أودية جهنم ، يهلكون فيه جميعا ، أو حاجزا بينهم. (فَظَنُّوا) فأيقنوا. (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) أي واقعون فيها ، وداخلوها. (مَصْرِفاً) معدلا أو مكانا ينصرفون إليه.
المناسبة :
هناك تشابه بين فعل المشركين سابقا ، وافتخارهم بأموالهم وأعوانهم على فقراء المسلمين ، وبين فعل إبليس الذي تكبر على آدم ؛ لأنه افتخر بأصله ونسبه ، وقال : خلقتني من نار ، وخلقته من طين ، فأنا أشرف منه في الأصل والنسب ، فكيف أسجد وأتواضع له؟ والمشركون قالوا : كيف نجلس مع هؤلاء الفقراء ، مع أنّا من أنساب شريفة ، وهم من أنساب نازلة ، ونحن أغنياء وهم فقراء. وهذه هي طريقة إبليس ، فذكرت قصته هنا تنبيها على وجود التشابه ، والله تعالى حذر من هذه الطريقة ومن الاقتداء بها.
وتكرار قصة إبليس في مواضع من القرآن : إنما هو لما يناسب المقصود ، ولما يحقق الفائدة ، ففي كل موضع تساق لفائدة مغايرة لما ذكرت في مواضع أخرى.
التفسير والبيان :
هذا تنبيه لبني آدم على عداوة إبليس لهم ، ولأبيهم من قبلهم ، وتقريع لمن اتبعه منهم ، وخالف خالقه ومولاه ، فقال :