ويقفوان آثرهما. قال البقاعي : إن هذا يدل على أن الأرض كانت رملا لا علامة عليها.
(فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ، قالَ لَهُ مُوسى : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً) أي وجد موسى وفتاه عند الصخرة في مجمع البحرين حين عادا إليها عبدا صالحا من عباد الله ، قال الأكثرون : إن ذلك العبد هو الخضر ، وكان مسجى بثوب أبيض ، فسلم عليه موسى ، فقال الخضر : وأنّى بأرضك السلام؟! وقوله : (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) يدل على أن تلك العلوم حصلت له من عند الله من غير وساطة.
فقال : أنا موسى ، قال : موسى بن إسرائيل؟ قال : نعم ، قال : هل أصحبك وأرافقك لتعلمني مما علمك الله شيئا أسترشد به في أمري من علم نافع وعمل صالح؟ وهذا سؤال تلطف وأدب ، لا إلزام فيه ولا إجبار ، وهكذا ينبغي أن يكون سؤال المتعلم من العالم.
فأجابه الخضر : (قالَ : إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً) أي قال الخضر لموسى : إنك لن تقدر على مصاحبتي ، ولن تطيق صبرا ما تراه مني ؛ لأني على علم من الله علمنيه لا تعلمه أنت ، وأنت على علم من الله ، علمكه لا أعلمه ، وكل منا مكلف بأمور من الله دون صاحبه ، فلا تقدر على صحبتي.
(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً) أي وأؤكد لك أنك لن تصبر على شيء تراه مني ، ولم تطلع على حكمته ومصلحته الباطنة وحقيقة أمره التي اطلعت أنا عليها دونك. فقوله: (خُبْراً) أي لم يحط به خبرك ، ولم تلمّ بوجه الحكمة فيه وطريق الصواب.
(قالَ : سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً ، وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) أي قال موسى : ستجدني بمشيئة الله صابرا على ما أرى من أمورك ، ولا أخالفك في شيء.