الكوكب الغابر في أفق السماء» وقال بعضهم : أيها المباهي بالرفع منك في مجالس الدنيا ، أما ترغب في المباهاة بالرفع في مجالس الآخرة ، وهي أكبر وأفضل».
وهذه واقعة طريفة معبرة مناسبة للآية ، رواها ابن عبد البر عن الحسن البصري قال : حضر جماعة من الناس فيهم الأشراف ومن دونهم من العامة باب عمر رضياللهعنه ، وفيهم سهيل بن عمرو القرشي (أحد أشراف مكة) وأبو سفيان بن حرب ، ومشايخ من قريش ، فأذن لصهيب وبلال وأهل بدر ، وكان يحبهم ، فقال أبو سفيان : ما رأيت كاليوم قط ، إنه ليؤذّن لهؤلاء العبيد ، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا ، فقال سهيل وكان أعقلهم : أيها القوم ، إني والله قد أرى الذي في وجوهكم ، فإن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم ، إنهم دعوا ودعينا ـ يعني إلى الإسلام ـ فأسرعوا وأبطأنا ، وهذا باب عمر ، فكيف التفاوت في الآخرة؟ ولئن حسدتموهم على باب عمر ، لما أعد الله لهم في الجنة أكبر.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ الناس في مجال العمل في الدنيا صنفان : صنف يريد الدنيا ، وصنف يريد الآخرة ، أما الصنف الأول : فلا يعطيه الله من الدنيا إلا ما يشاء ، ولمن يشاء ، ثم يؤاخذه بعمله ، وعاقبته دخول النار حال كونه مذموما على سوء تصرفه وصنيعه ، إذ اختار الفاني على الباقي ، مدحورا مطرودا مبعدا من رحمة الله. قال القرطبي : وهذه صفة المنافقين الفاسقين ، والمرائين المداجين ، يلبسون الإسلام والطاعة لينالوا عاجل الدنيا من الغنائم وغيرها ، فلا يقبل ذلك العمل منهم في الآخرة ، ولا يعطون في الدنيا إلا ما قسم لهم (١).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٠ / ٢٣٥