فَلْيَسْتَعْفِفْ ، وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء ٤ / ٦]. فيجوز لولي اليتيم إذا كان فقيرا أن يأخذ شيئا من مال اليتيم للحاجة بقدر المعروف.
ولما نزلت آية (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ) شق ذلك على الصحابة ، فكانوا لا يخالطون اليتامى في طعام ولا غيره ، مما أدى إلى إهمال شؤون الأيتام ، فأنزل الله تعالى : (وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ ، وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) [البقرة ٢ / ٢٢٠].
النوع التاسع ـ الوفاء بالعهد : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) : بعد أن أمر الله تعالى بخمسة أشياء أولا ، ثم نهى عن ثلاثة أشياء (الزنى ، والقتل إلا بالحق ، وقربان مال اليتيم) أمر بأوامر ثلاثة : أولها ـ الوفاء بالعهد ، والمعنى : وفّوا بالعهد الذي تعاهدون عليه الناس ، وبالعقود التي تعاملونهم بها ، فإن العهد والعقد ، كل منهما يسأل صاحبه عنه ، ونظير الآية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة ٥ / ١] فالعهد فضيلة وميثاق ، والعقد التزام وارتباط ، والإخلال بالعهد خيانة ونفاق ، والتحلل من العقد إهدار للثقة وتضييع للحقوق ، فيجب شرعا الوفاء بالعهد ، وتنفيذ مقتضى العقد ، فمن أخلف بوعده ، ولم يوف بعهده ، ولم ينفذ التزام عقده ، وقع في الإثم والمعصية ، وأخل بمقتضى الإيمان والدين ، والعهد : أمر عام يشمل كل ما بين الإنسان وبين الله والنفس والناس. والعقد : كل التزام يلتزمه الإنسان ، كعقد اليمين والنذر ، وعقد البيع والشركة والإجارة والصلح والزواج.
وكل عقد لأجل توثيق الأمر وتوكيده ، فهو عهد.
لذا تواردت الآيات الدالة على وجوب الوفاء بالعهود والعقود ، كقوله تعالى : (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) [البقرة ٢ / ١٧٧] وقوله : (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ٨ ، المعارج ٧٠ / ٣٢] وقوله : (وَأَحَلَّ اللهُ