(بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) بسببه من الهزء. (إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) إلى قراءتك. (نَجْوى) يتناجون بينهم ، أي يتحدثون. (إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ) في تناجيهم. (إِنْ) ما تتبعون. (مَسْحُوراً) مخبول العقل ، كقولهم : (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ) [المؤمنون ٢٣ / ٢٥]. (كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ) بالمسحور والكاهن والشاعر. (فَضَلُّوا) جاروا عن طريق الهدى. (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) طريقا إليه.
سبب النزول :
نزول الآية (٤٥):
(وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) الآية : أخرج ابن المنذر عن ابن شهاب الزهري قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ، ودعاهم إلى الكتاب قالوا يهزؤون به : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ ، وَفِي آذانِنا وَقْرٌ ، وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) [فصلت ٤١ / ٥] ، فأنزل الله في ذلك من قولهم : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) الآيات.
وروى ابن عباس : أن أبا سفيان ، والنضر بن الحارث ، وأبا جهل وغيرهم كانوا يجالسون النبي صلىاللهعليهوسلم ، ويستمعون إلى حديثه ، فقال النضر يوما : ما أدري ما يقول محمد ، غير أني أرى شفتيه تتحرك بشيء ، وقال أبو سفيان : إني لأرى بعض ما يقوله حقا ، وقال أبو جهل : هو مجنون ، وقال أبو لهب : هو كاهن ، وقال حويطب بن عبد العزّى : هو شاعر ، فنزلت هذه الآية.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أراد تلاوة القرآن ، قرأ قبلها ثلاث آيات ، وهي قوله في سورة الكهف : (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ ، وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) [٥٧] وفي النحل : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [١٠٨] وفي حم الجاثية : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [٢٣] إلى آخر الآية ، فكان الله تعالى يحجبه ببركات هذه الآيات عن عيون المشركين(١).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ٢٢١