فهذه الآية نزلت في قوم كانوا يؤذون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا قرأ القرآن على الناس. روي أنه عليه الصلاة والسلام كان كلما قرأ القرآن ، قام عن يمينه رجلان ، وعن يساره آخران من ولد قصي يصفّقون ويصفرون ، ويخلّطون عليه بالأشعار.
نزول الآية (٤٦):
(وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) : قيل : دخل ملأ قريش على أبي طالب يزورونه ، فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقرأ ، ومرّ بالتوحيد ، ثم قال : يا معشر قريش ، قولوا : لا إله إلا الله ، تملكون بها العرب ، وتدين لكم العجم ، فولّوا ، فنزلت هذه الآية.
قال أبو حيان : والظاهر أن الآية في حال الفارّين عند وقت قراءته القرآن ، ومروره بتوحيد الله تعالى ، والمعنى : إذا جاءت مواضع التوحيد ، فرّ الكفار إنكارا له ، واستبشاعا لرفض آلهتهم ، واطراحها (١).
المناسبة :
بعد أن تكلّم الله تعالى في المسائل الإلهية ، وجادل المشركين بضرب الأمثال لهم ، تكلّم في هذه الآية فيما يتعلّق بتقرير النّبوة ، والنّعي عليهم بعدم فهمهم للقرآن ونفورهم منه وهزئهم به ، وإيذائهم النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واتّهامهم له بأنه كاهن أو ساحر أو مجنون أو شاعر.
التفسير والبيان :
وإذا قرأت يا محمد القرآن على هؤلاء المشركين الذين لا يصدقون بالبعث ولا بالثواب والعقاب ، جعلنا بينك وبينهم حجابا مستورا ، أي حائلا مانعا يمنع
__________________
(١) البحر المحيط : ٦ / ٤٢.