تقدمه من الرسل ، فيصبر كما صبروا ، ويستمر على دعوته ، وإن تمرد المرسل إليهم ، فليس عليه إلا البلاغ.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ لا مجال للمقارنة بين ما أعده الله لعباده الأبرار من نعيم في الجنان ، وما أعده للأشرار من عذاب في النيران.
٢ ـ إن طعام أهل النار هو الزقّوم الثمر المرّ الكريه الطعم والرائحة ، العسير البلع ، المؤلم الأكل ، كما قال تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ ، كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) [الدخان ٤٤ / ٤٣ ـ ٤٦].
٣ ـ إن الإخبار عن وجود شجرة الزقوم في قعر جهنم فتنة وابتلاء واختبار للكفار الذين قالوا : كيف تكون الشجرة في النار وهي تحرق النار؟ لكن كان هذا القول جهلا منهم ، إذ إن هناك أشياء نشاهدها اليوم غير قابلة للاحتراق ، ولا يستحيل في العقل أن يخلق الله في النار شجرا من جنسها لا تأكله النار ، كما يخلق الله فيها الأغلال والقيود والحيّات والعقارب وخزنة النار.
٤ ـ وصف الله تعالى هذه الشجرة بصفتين : الأولى ـ إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم أي منبتها في قعر جهنم وأغصانها ترتفع إلى دركاتها. والصفة الثانية ـ ثمرها وحملها في قبحه وشناعته كأنه رؤوس الشياطين ، وهذا الشبه متصور في نفوس العرب ، وإن كان غير مرئي. ومن ذلك قولهم لكل قبيح : هو كصورة الشيطان ، ولكل صورة حسنة كصورة الملك.
ومنه قوله تعالى مخبرا عن صواحبات يوسف : (ما هذا بَشَراً ، إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) [يوسف ١٢ / ٣١] وهذا تشبيه تخييلي.