صلّى في بيتي ، فمرّ بهذه الآية : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) قال : صدقت ربنا ، أنت أقرب من دعي ، وأقرب من بغي ، فنعم المدعو ، ونعم المعطي ، ونعم المسؤول ، ونعم المولى ، أنت ربنا ، ونعم النصير».
وبعد بيان أنه سبحانه نعم المجيب على سبيل الإجمال ، بين أن الإنعام حصل في الإجابة من وجوه :
١ ـ (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أي ونجينا نوحا وأهل دينه ، وهم من آمن معه وهم ثمانون ، من الغم الشديد وهو الغرق.
٢ ـ (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ) أي وجعلنا ذريته وحدهم دون غيرهم هم الباقين على قيد الحياة ، وأهلكنا من كفر بدعائه ، ولم نبق منهم باقية ، ومن كان معه في السفينة من المؤمنين ماتوا كما قيل ، ولم يبق إلا أولاده وذريته.
والآية تفيد الحصر ، وهو يدل على أن كل من سواه وسوى ذريته قد فنوا. قال ابن عباس : ذريته بنوه الثلاثة : سام وحام ويافث ، فسام أبو العرب وفارس والروم ، وحام أبو السودان ، ويافث أبو الترك.
٣ ـ (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) أي أبقينا له ثناء حسنا فيمن يأتي بعده من الأنبياء والأمم إلى يوم القيامة.
(سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ) أي وقلنا : عليك يا نوح سلام منا في الملائكة وعالمي الإنس والجن. أو معناه أن الذي أبقي عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن : أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم. ويؤيد التفسير الأول آية : (قِيلَ : يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ) [هود ١١ / ٤٨].
وعلة أنواع الإنعام السابقة ما قاله تعالى :