(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) أي هكذا نجزي من أحسن من العباد في طاعة الله عزوجل ، أو خصصنا نوحا عليهالسلام بتلك النعم التي منها إبقاء ذكره الحسن في ألسنة جميع العالمين لأجل أنه كان محسنا.
وعلة إحسانه ما قاله سبحانه :
(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) أي إن السبب في كون نوح محسنا هو كونه عبدا لله مؤمنا. وهذا دليل على أن الإيمان بالله تعالى وإطاعته أعظم الدرجات وأشرف المقامات.
(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) أي أغرقنا كفار قومه بالطوفان وأهلكناهم ، ولم نبق منهم أحدا ، وتلك عظة وعبرة : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق ٥٠ / ٣٧].
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت قصة نوح عليهالسلام على الآتي :
١ ـ أجاب الله تعالى دعاء نوح عليهالسلام بإهلاك قومه ، فالداعي مضطر ، والمدعو وهو الله عزوجل نعم المقصود المجيب.
٢ ـ كانت النعمة العظمى هي إجابة الدعاء ، وكانت مظاهر الإنعام على نوح ثلاثة : هي نجاة نوح ومن آمن معه ، وجعل ذريته أصول البشر والأعراق والأجناس ، وإبقاء الذكر الجميل والثناء الحسن. وقال قوم : كان لغير ولد نوح أيضا نسل ، بدليل قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) [الإسراء ١٧ / ٣].
ومما أبقي عليه : السلام الدائم في الأنبياء والأمم ، أو أن الله كافأه أيضا بالسلام منه عليه سلاما يذكر بين الأمم إلى يوم القيامة.