وليلة واحدة إن كان تسعة وعشرين يوما. والمنازل معروفة : وهي الشّرطان ، البطين ، الثّريّا ، الدّبران ، الهقعة ، الهنعة ، الذّراع المبسوطة ، النّثرة ، الطّرف ، الجبهة ، الزّبرة ، الصّرفة ، العوّاء ، السّماك الأعزل ، الغفر ، الزّبانى ، الإكليل ، القلب ، الشّولة ، النّعائم ، البلدّة ، سعد الذّابح ، سعد بلع ، سعد السّعود ، سعد الأخبية ، الفرغ المقدم ، الفرغ المؤخّر ، الرّشاء وهو بطن الحوت.
(حَتَّى عادَ) في آخر منازله في رأي العين. (كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) كالشمراخ المعوج ، لأنه إذا عتق يرق ويتقوس ويصفر. و (الْقَدِيمِ) العتيق.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها) لا يصح لها ويسهل. (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) في سرعة سيره ، فتجتمع معه في الليل ، لأن لكل واحد منهما مدارا منفردا ، فلا يتمكن أحدهما من الدخول على الآخر ، وإن كانت في نظر العين تسبق الشمس القمر في كل شهر مرة.
والخلاصة : أن حرف النفي (لَا) للدلالة على أنها مسخرة ، لا يتيسر لها إلا ما أريد بها. (وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) أي لا يأتي قبل انقضائه ، ولا يسبقه ، ولكن يأتي عقبه ، ويجيء كل واحد منهما في وقته ، ولا يسبق صاحبه. (وَكُلٌ) التنوين عوض عن المضاف إليه ، أي وكل من الشمس والقمر وبقية الكواكب والنجوم. (فِي فَلَكٍ) هو المدار الذي يدور فيه الكوكب ، سمي به لاستدارته كفلكة المغزل. (يَسْبَحُونَ) يسيرون فيه بسهولة ، وقد نزّلوا منزلة العقلاء.
(وَآيَةٌ لَهُمُ) علامة دالة على قدرتنا. (أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) وقرئ : ذرياتهم أي أولادهم ومن يهمهم حمله الذين يبعثونهم للتجارة ، وأصل الذرية : صغار الأولاد ، ثم استعملت في الصغار والكبار ، وتطلق على الواحد والجمع ، وقيل : المراد آباؤهم الأقدمون الذين في أصلابهم هم وذرياتهم ، وإنما امتن الله عليهم بذكر الذرية دونهم ، لأنه أبلغ في الامتنان عليهم ، وأدخل في التعجيب من قدرته ، في حمل أصولهم إلى يوم القيامة في سفينة نوح. (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) السفينة المملوءة ، قيل : إنها سفينة نوح عليهالسلام.
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ) أي أوجدنا بتعليمهم صناعة السفن الصغار والكبار والزوارق ، مثل سفينة نوح عليهالسلام ، وقيل : المراد الإبل ، فإنها سفائن البر. (ما يَرْكَبُونَ) فيه ، ولعل ذلك إشارة إلى المركبات والقطارات والطائرات المستحدثة. (وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ) إن نرد أغرقناهم مع إيجاد السفن. (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ) لا مغيث. (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ينجون. (إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ) أي لا أحد ينقذهم وينجيهم إلا بإنقاذنا لرحمة وتمتيع إياهم بلذاتهم إلى انقضاء آجالهم.
المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى ما يدل على الحشر بإحضار جميع الأمم إليه يوم القيامة