للحساب والجزاء ، ذكر ما يدل على إمكان البعث بإنبات النبات من الأرض الجدباء بالمطر ، وإيجاد البساتين وتفجير الأنهار ، لتوفير سبل المعاش بها ، مما يستدعي شكرهم على تلك النعم.
وبعد بيان أحوال الأرض التي هي المكان الكلي ، ذكر أربع آيات دالة على قدرته العظيمة من أحوال الأزمنة ، وهي تعاقب الليل والنهار ، ودوران الشمس ، ومسير القمر في منازله ، وتخصيص مدار مستقل لكل من الشمس والقمر.
ثم أردف ذلك بدليل آخر دال على القدرة المقترنة بالرحمة وهو تنقل الأولاد والأجيال في السفن العابرة مياه البحار.
التفسير والبيان :
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا ، فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) أي ومن العلامات الدالة على وجود الله وقدرته على البعث وإحياء الموتى : إحياء الأرض الهامدة التي لا نبات فيها ، بإنزال الماء عليها ، وجعلها تموج وتهتز بالنبات المختلف الألوان والأشكال ، وإخراج الحب الذي هو رزق للعباد ولأنعامهم ، وهو معظم ما يؤكل ، وأكثر ما تقوم به الحياة والمعاش. وكما نحيي الأرض الميتة نحيي الموتى.
(وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ، وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ) أي وأوجدنا في الأرض التي أحييناها بساتين مشجرة من نخيل وأعناب وغيرها ، وجعلنا فيها أنهارا موزعة في أماكن مختلفة ، يحتاجون إليها. وخصص النخيل والأعناب بالذكر من بين سائر الفواكه ، لأن ألذ المطعوم الحلاوة ، وهي فيها أتم ، ولأن التمر والعنب قوت وفاكهة خلافا لغيرهما ، ولأنهما أعم نفعا.