١ ـ (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ ، فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) أي ومن أدلة قدرته تعالى العظيمة : خلق الليل والنهار ، وتعاقب الليل والنهار دائبين ، فينزع النهار من الليل فيأتي بالضوء وتذهب الظلمة ، وينزع الليل من النهار ، فيصبح الخلق في ظلمة ويذهب الضوء ، وهكذا يتعاقبان ، يجيء هذا فيذهب هذا ، ويذهب هذا فيجيء هذا ، كما قال تعالى : (يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) [الأعراف ٧ / ٥٤] نتيجة لدوران الأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق ، فتشرق الشمس على نصف الكرة الأرضية ، وتغيب عن النصف الآخر ، وفي كل من الظلمة والنور نفع وخير ، ففي الظلام ترك العمل وسكون النفس والراحة من العناء ، وفي النور متعة ولذة وحركة وعمل من أجل كسب الرزق.
وقوله (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) أي داخلون في الظلام ، وإذا للمفاجاة ، أي فهم داخلون في الظلمة مفاجأة وبغتة ، لا يد لهم بعدئذ ، ولا بد من الدخول فيه.
٢ ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ، ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) أي وآية مستقلة دالة على قدرته تعالى : دوران الشمس في فلكها إلى نهاية مدارها ، وذلك الدوران تقدير من الله القاهر الغالب كل شيء ، المحيط علمه بكل شيء. وهناك قولان للمفسرين في تفسير المستقر : الأول ـ أن المراد مستقرها المكاني وهو تحت العرش مما يلي الأرض من ذلك الجانب ، وهي أينما كانت فهي وجميع المخلوقات تحت العرش. والثاني ـ أن المراد مستقرها الزماني وهو منتهى سيرها ، وهو يوم القيامة (١).
وقد أثبت علماء الفلك أنه زيادة على دوران الشمس الظاهري وسط النجوم بسبب دوران الأرض حول الشمس مرة في السنة ، للشمس حركتان أخريان :
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٣ / ٥٧١ وما بعدها.