العذاب الذي تخوفنا به ، عجّله لنا ، فنزلت : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) وهو صحيح على شرط الشيخين.
التفسير والبيان :
(وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ ، إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ، وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) أي لقد سبق وعدنا بالنصر والظفر على الكفار في الدنيا والآخرة لعبادنا الرسل الذين أرسلناهم للإنذار والتبشير ، ففي الدنيا : تكون الغلبة والقهر لهم بالأسر والقتل والتشريد أو الإجلاء أو بالحجة والبرهان ، ونحو ذلك ، وفي الآخرة : الظفر بالجنة ، والنجاة من النار ، وهذا في الأعم الأغلب. وجند الله : حزبه ، وهم الرسل وأتباعهم.
ونظير الآية قوله تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة ٥٨ / ٢١] وقوله سبحانه : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر ٤٠ / ٥١].
وشرط النصر معروف ، وهو الإيمان الصحيح بالله عزوجل ، والعمل بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة ، والتزام دين الله شرعا ودستورا ونظاما ومنهج حياة ، قال تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) [الروم ٣٠ / ٤٧] وقال سبحانه : (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ ، وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ) [سورة محمد ٤٧ / ٧] وقال عزوجل : (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [الأعراف ٧ / ١٢٨].
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) أي أعرض عنهم ، واصبر على أذاهم لك ، إلى مدة معلومة عند الله سبحانه ، فإنا سنجعل لك العاقبة والنصرة والظفر.
(وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) أي أنظرهم وارتقب ماذا يحل بهم من العذاب والنكال بمخالفتك وتكذيبك ، كالأسر والقتل ، وسوف يبصرون كل ما وعدتهم به