من العقاب ، وما وعدناك به من النصر وانتشار دينك في الآفاق ، وذلك حين لا ينفعهم الإبصار. وكرر تعالى ذلك تأكيدا.
والمراد بالأمر بإبصارهم على الحال المنتظرة الموعودة : الدلالة على أنها كائنة واقعة لا محالة ، وأن حدوثها قريب ، وفي ذلك تسلية للرسول صلي الله عليه وآله وسلم وتنفيس عنه عما يناله من أذى كفار قومه قريش.
ثم وبخهم الله تعالى وهددهم على طلبهم تعجيل العذاب قائلا :
(أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ؟) أي كيف يجرءون على استعجال عذابنا الشديد؟ والواقع أنهم إنما يستعجلون العذاب لتكذيبهم وكفرهم بك ، قائلين : متى هذا العذاب؟ والعذاب نازل بهم قطعا لا محالة.
(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) أي فإذا نزل العذاب بهم أو بمحلّتهم ، فبئس ذلك اليوم يومهم ، لإهلاكهم ودمارهم. ورد في الصحيحين عن أنس رضياللهعنه قال : صبّح رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم خيبر ، فلما خرجوا بفؤوسهم ومساحيهم ، ورأوا الجيش ، رجعوا وهم يقولون : محمد والله ، محمد والخميس ـ الجيش ـ فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم : «الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم ، فساء صباح المنذرين» ورواه أحمد أيضا بلفظ آخر ، وهو صحيح على شرط الشيخين.
(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ، وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) أي وأعرض أيها الرسول عن هؤلاء المشركين إلى أجل آخر يحين فيه هلاكهم ، وانظر إليهم وارتقبهم ، فسوف يرون ما يحل بهم من عقاب.
وهذا تأكيد لما تقدم من الأمر بالكف عنهم ، والصبر على أذاهم.
ثم ختمت السورة بخاتمة عظيمة فيه تنزيه الله تعالى عما لا يليق به ، ومدحه للرسل الكرام ، فقال سبحانه :