نعطى في الآخرة مثلما تعطون. والآية تدل على صحة القول بالحشر والمعاد ، والفجار : الأشقياء (مُبارَكٌ) كثير الخير والبركات والمنافع الدنيوية والأخروية (لِيَدَّبَّرُوا) ليتدبروا أي ليتفكروا وينظروا في معاني الآيات ، فيؤمنوا (وَلِيَتَذَكَّرَ) يتعظ (أُولُوا الْأَلْبابِ) أصحاب العقول ، جمع لب : وهو العقل.
المناسبة :
بعد تهديد الضالين عن سبيل الله بالعذاب الشديد يوم الحساب في القيامة ، أخبر تعالى بأن هذا اليوم آت لا ريب فيه ، لأنه خلق الخلق لهدف معين ، ثم يحاسبهم في نهاية الأمر ، ثم بيّن عدم المساواة في الحساب بين المؤمنين والكفار وبين المتقين والفجار ، ثم أخبر عن فضل القرآن العظيم ، وأنه كثير المنافع الدينية والدنيوية.
التفسير والبيان :
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً) أي ما أوجدنا السماء والأرض وما بينهما من المخلوقات عبثا لا حكمة فيه ، أو لهوا ولعبا ، بل خلقناهما للدلالة على قدرتنا العظيمة ، وليعمل فيهما بطاعتنا وعبادتنا وتوحيدنا ، كما قال تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات ٥١ / ٥٦].
(ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) أي إن الذين كفروا يظنون أن هذه الأشياء خلقت عبثا لغير غرض ، فلا قيامة ولا حساب ، فيا هلاك هؤلاء الكافرين في النار يوم المعاد والنشور ، جزاء ما قدموا من الشرك والمعصية ، وكفران نعم الله ، وإنكار البعث ، وظنهم الباطل. ونظير القسم الأول من الآية قوله تعالى : (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً ، وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ) [المؤمنون ٢٣ / ١١٥].