ثم فسّر الله تعالى المقصود بالمرجع والمآب الحسن قائلا :
(جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) أي إن ذلك المآب هو في جنات إقامة دائمة ، مفتحة لهم أبوابها ، فإذا جاءوها فتحت لهم أبوابها إكراما لهم ، تفتحها لهم الملائكة ليدخلوها مكرمين. وفي هذا إيماء بتخصيصها لهم وبسعتها وروعتها وبهائها الذي تسرّ به النفوس.
(مُتَّكِئِينَ فِيها ، يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ) أي تراهم متكئين في الجنات على الأرائك والأسرّة ، يطلبون ما لذّ وطاب مما شاؤوا من أنواع الفاكهة الكثيرة المتنوعة ، وأنواع الشراب الكثير العذب الطيب ، وغيرهما ، فمهما طلبوا وجدوا ، وأحضر كما أرادوا (بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) [الواقعة ٥٦ / ١٨].
والسبب في تخصيص الفاكهة والشراب بالذكر : ترغيب العرب فيها ، لأن ديارهم حارة قليلة الفواكه والأشربة ، وفيه إيماء بأن طعامهم لمجرد التّفكّه والتّلذّذ لا للتّغذي ، لعدم حاجتهم إليه بسبب خلق أجسامهم للدوام ، فلا تحتاج لبدائل المتلفات والتّحللات.
وبعد وصف المسكن والمأكول والمشروب ، ذكر تعالى الأزواج ، فقال :
(وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) أي ولهم زوجات قاصرات طرفهنّ على أزواجهنّ ، لا ينظرن إلى غيرهم ، وهم لدات متساويات في السّن ، متساويات في الحسن والجمال ، يحب بعضهنّ بعضا ، فلا تباغض ولا غيرة عندهنّ.
ثم ذكر الله تعالى ما وعد به المتقين من الثواب قائلا :
(هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ) أي هذا المذكور من صفات الجنة هو الذي وعد به تعالى عباده المتقين ، وهو الجزاء الأوفى الذي وعدوا به ، وأجلّ ليوم الحساب في الآخرة بعد البعث والنشور من القبور.