والبصيرة النافذة ، فإنهم دأبوا على الطاعة ، وقويناهم على العمل المرضي ، وأحسنوا وقدموا خيرا ، وآتيناهم البصيرة في العلم والفقه في الدين ، والعمل النافع فيه.
وعلة ذلك :
(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) أي خصصناهم بخصلة خالصة هي العمل للآخرة ، والتزام أوامرنا ونواهينا ، لتذكرهم الدار الآخرة والإيمان بها ، وذلك شأن الأنبياء.
(وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) أي وإنهم لمن المختارين من أبناء جنسهم ، المطبوعين على فعل الخير ، فلا يميلون للأذى ، ولا تنطوي قلوبهم على الضغينة والحقد والحسد والبغض لأحد ، ولا يرتكبون شرّا ومعصية ، فهم أخيار مختارون.
(وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ ، وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ) أي واذكر أيضا صبر إسماعيل واليسع وذي الكفل وأعمالهم الصالحة ، فكل منهم من الأخيار المختارين للنبوة.
وبعد أن أمر الله تعالى رسوله بالصبر على سفاهة قومه وذكر جملة من الأنبياء ، ذكر ما يؤول إليه حال المؤمنين وحال الكافرين من الجزاء ، ومقرّ كل واحد من الفريقين ، فقال تعالى :
(هذا ذِكْرٌ ، وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) هذه الآيات القرآنية التي تعدد محاسنهم تذكّر لهم وتنويه ، وذكر جميل في الدنيا ، وشرف يذكرون به أبدا ، وإن لهم وللمتقين أمثالهم لحسن مرجع يرجعون فيه في الآخرة إلى مغفرة الله ورضوانه ونعيم جنّته. وهذا شروع فيما أعدّ لهم ولأمثالهم من النعيم والسعادة في الدار الآخرة.