(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ، فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) أي فإذا أتممت خلقه وعدلته وأكملته ، وجعلته حيا بعد أن كان جمادا لا حياة فيه ، فاسجدوا له ، أي سجود التحية والتكريم ، لا سجود العبادة. وهو أمر واجب بالسجود. والنفخ تمثيل لإفاضة مادة الحياة فيه ، فليس هناك نافخ ولا منفوخ.
(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) أي فامتثل الملائكة كلهم لأمر الله ، وسجدوا عن آخرهم ، ما بقي منهم ملك إلا سجد ، وسجدوا مجتمعين في آن واحد ، لا متفرقين.
(إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) أي سجد الملائكة كلهم إلا إبليس امتنع مستكبرا متعاظما ولم يكن من الساجدين ، جهلا منه بأنه طاعة ، وكان استكباره استكبار كفر ، فصار من الكافرين بمخالفة أمر الله وأنفته من السجود واستكباره عن طاعة الله ، أو إنه كان من الكافرين في علم الله.
(قالَ : يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ، أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) قال الله له : يا إبليس ما الذي صرفك وصدك عن السجود لآدم ، الذي توليت بنفسي خلقه من غير واسطة أب وأم ، هل استكبرت عن السجود الآن ، أم أنك كنت من القوم المتعالين عن ذلك؟ والمراد إنكار الأمرين معا. فأجاب قائلا :
(قالَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ، خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ ، وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) أي إنني خير من آدم ، فإني مخلوق من نار ، وآدم مخلوق من طين ، والنار خير وأشرف من الطين في زعمه ، لما فيها من صفة الارتفاع والعلو ، وأما التراب فهو خامد هابط لا ارتفاع فيه.
(قالَ : فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) قال الله تعالى : فاخرج من الجنة أو